نحو تعليم تفاعلي إلكتروني

نحنحو تعليم تفاعلي إلكتروني

منصات التعليمية المفتوحة المصدر


منصات التعليم مفتوحة المصدر 



 قد أصبحت الفرصة أمامك اليوم لتتعلم ما تريد وقتما تريد وممن تريد وتحصل على تعليم متميز دون أن تدقع الكثير من المال. سواء كنت طالبا في مدرسة أو جامعة أو تسعى لإتقان مهارة معينة أو تريد أن تلحق بقطار التعليم الذي فاتك أو أن تغير مجال تخصصك أو عملك فأنت أمام فرصة حقيقية لتفعل ذلك الأن. هذا ما اتاحته لنا المقررات الدراسية المفتوحة للجميع (MOOC (Massive Open Online Course التي أصبحت ظاهرة أساسية في الثورة التعليمية التي نعيشها اليوم في العصر الرقمي.

لقد اعتبرت اليونسكو في تقريرها الصادر مؤخرا بأن التعليم المفتوح أداة مهمة لتطوير التعليم في الدول النامية حيث يدعم التعليم العالي والتعليم المستمر ويساعد على إيصال تعليم ذا جودة عالية للجميع بشكل متساوي فيقلل الفروق بين مخرجات العملية التعليمية وهو أيضا ذا فائدة في توفير تدريب مرتبط بالعمل وتطوير المهارات الحياتية للناس.

ما هو الـ MOOC؟

المقررات الدراسية المفتوحة والمباشرة للجميع MOOC هو نموذج تعليمي إلكتروني جديد بدأ بالانتشار خلال السنوات الستة الأخيرة كأسلوب لتوفير التعليم الجامعي ذو الجودة العالية لجميع فئات المجتمع بتكلفة منخفضة دون قيود مكانية أو زمانية أو مادية. وقد قام بتوفير هذا النوع من التعليم أرقى الجامعات في العالم مما ساعد على انتشاره ونجاحه بهذا الشكل. وكان عام 2012 عام MOOC كما أطلقت عليه مجلة نيويورك تايم. وقد شمل ذلك العالم العربي ايضا حيث ظهرت خلال السنوات الثلاثة الأخيرة منصات عربية لتقديم المقررات المفتوحة للجميع كـ رواق وإدراك، مما جعل هذا النموذج التعليمي ظاهرة تستحق الدراسة.

يعتمد هذا النموذج على مبادئ أربعة أساسية مشتقة من تسميته فهو مقرر تعليمي منظم مفتوح للجميع يحضره عدد كبير من المتعلمين يعتمد في مادته العلمية في الأساس على تبادل الخبرة بين المشاركين والمنظمين. حيث يهدف لجمع آلاف المتعلمين في حدث (تعليمي) واحد، ويمكن الوصول اليه عبر الويب أو الأجهزة المتنقلة.

هناك نوعين أساسيين من هذا النموذج التعليمي:

  • CMOOC: وهو النموذج الذي يستخدم النظرية الترابطية كأساس حيث يعتمد بشكل كبير على التفاعل الذي يتم ضمن شبكة المشاركين في المقرر الدراسي. فالمادة العلمية غير منظمة ويترك للمشاركين اكتشاف المسار الذي يناسبهم للتعلم، وبالتالي فهو يعتمد بشكل كبير على قدرات المشاركين في المقرر وخبرتهم وحوارهم. وكان ستيفن مؤسس النظرية الترابطية هو أول من قدم هذا النوع من المقررات عام 2008 والتي تمحورت حول نظريته.
  • XMOOC: وهي نموذج مطور عن النموذج الأساسي حيث أن المادة العلمية منظمة وتتكون عادة من محاضرات قصيرة ومواد مقروءة وواجبات واختبارات إضافة إلى النقاش والحوار الذي يتم بين المتشاركين. وتعتمد هذا النوع من المقررات المفتوحة الجامعات التي تود أن تفتح بعض برامجها العلمية للجميع خارج أسوار الجامعة. وتعتمد المقررات هنا بشكل أكبر على المحتوى Content-Based، وقد كان أول من قدم هذا النوع من المقررات هما Sebastian Thrun و Peter Norvig عام 2011 لمقرر الذكاء الاصطناعي Https://Www.Ai-­‐Com/ ثم تبع ذلك مواقع بدأت بتقديمه بشكل تجاري كمواقع Edx و Coursera وغيرها. يتم هنا تقديم المقررات المفتوحة ضمن مدة زمنية معينة في الغالب تماما كالصفوف التقليدية ويتطلب من المتعلمين الالتزام بالدراسة وتأدية الواجبات والامتحانات ضمن الوقت المحدد ووفقا لخطة دراسية مصممة مسبقا.

الفرص والتحديات للتعليم المفتوح في المنطقة العربية

نحن في الدول النامية بحاجة ماسة لهذا النوع من التعليم في ظل عدم قدرة التعليم الرسمي على مواكبة التطورات التي تحدث وفي ظل الصراعات والنزاعات التي نعيش. ووفقا لتقرير اليونسكو فإن أهم الفرص التي وفرها التعليم المفتوح للدول النامية تمثلت في:

  • الوصول لتعليم ذا جودة عالية غير متوفر في الجامعات والمؤسسات التعليمية في الدول النامية.
  • توفير التعليم لعدد كبير من المتعلمين يفوق بكثير ما يمكن توفيره في المدارس والجامعات وذلك دون التقيد بعوامل الزمان والمكان والتقنية.
  • المساواة في الحصول على تعليم متميز حيث أن مجانية هذا النوع من التعليم وسهولة الوصول له يمكٌن أي شخص من الحصول على التعليم الذي يريد وبالتالي ممارسة العمل أو اتقان المهارة التي يحتاجها دون تكبد تكاليف عالية.
  • توفير الفرصة لتطوير المناهج الدراسية والمعلمين في الدول النامية سعيا للوصول الى تعليم ذا جودة عالية في تلك الدول بشكل عام.

لكن قد يعوق ذلك بطيء شبكة الإنترنت في الدول النامية وقلة الوعي بهذا النوع من التعليم وما يمكن أن يحققه من فوائد على المجتمع حيث مازال الاقبال عليه يتم من قبل من لديهم مستوى تعليمي عالي.

خصائص التعليم المفتوح

لقد أورد كتاب Massively Open الذي قام على تأليفه ثمانية من الخبراء الذين قاموا بتجربة هذا النوع من التعليم مجموعة من الخصائص للتعليم المفتوح كما هي على ارض الواقع يمكن اجمالها بما يلي:

  • يعتبر توافر المقررات الدراسية المفتوحة بشكل مجاني من جامعات عريقة ودون صعوبة في التسجيل والالتحاق أهم ميزة يوفرها هذا النموذج. وهذا يعني مساواة جميع البشر في الحصول على تعليم ذو جودة عالية بغض النظر عن قدراتهم المالية أو مكانتهم أو مكان تواجدهم خصوصا في ظل ارتفاع تكاليف الدراسة الجامعية في العالم. هم سواء في فرصة الحصول على تعليم متميز دون تميز الا بقدرة المتعلمين على تحصيل التعليم.
  • ارتفاع جودة المقررات الدراسية هو أهم عامل جذب للمتعلمين حيث يمكن الادعاء بأن جودة تلك المقررات الدراسية الإلكترونية أفضل من جودة المقررات الدراسية التقليدية. لأن فريق عمل كامل يساهم في بناء وتوفير وتدريس تلك المقررات وليس من قبل مدرس واحد يقف في الصف الدراسي. طبعا هناك بعض المقررات التي لا تفي بشرط الجودة فهذه المقررات تفشل لعدم تحقيقها عنصرا أساسيا للتعليم المفتوح وقد حدث أن تم الغاء بعض المقررات الدراسية من جامعات معروفة نتيجة عدم قدرة فريق العمل على استكمال المقرر بالجودة المناسبة.
  • توفر تلك المقررات الدراسية معلومات وبيانات ضخمة جدا يمكن جمعها عبر تتبع وتسجيل حركة المتعلمين واختياراتهم داخل البيئة التعليمية الإلكترونية مما يمكن وبسهولة من دراسة تلك البيانات وتحليلها للعمل على التحسين المستمر في جودة تلك المقررات لتناسب أكثر حاجات المتعلمين وهذا ما لا يوفره التعلم الإلكتروني التقليدي. وهنا يمكن الاستفادة من تطبيقات مناجم البيانات Data Warehouse والتنقيب عنها Data Mining والتعامل مع البيانات الضخمة Big Data.
  • التعلم النشط هو جوهر المقرر الدراسي المفتوح فلا مكان للمتعلمين غير النشطين أو الذين لا يشاركون في العملية التعليمية، فهؤلاء سيتركون المقرر ولن يتابعوا الدراسة فيه على الإطلاق. في الغالب لا يمكن للمتعلم أن ينتقل من مرحلة لأخرى في المقرر الدراسي حتى ينهي المرحلة السابقة بنجاح.
  • يعتمد هذا النموذج التعليمي بشكل كبير على قدرة المتعلمين على التعلم الذاتي حيث يستخدم المتعلم الأساليب التي توفرها البيئة التعليمية أو تلك التي يستطيع المتعلم أن يوفرها لنفسه لكي يتعلم والتي تشمل وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات التواصل المباشر ومنتديات النقاش. حيث تترك تلك المقررات المفتوحة الحرية للمتعلمين في اختيار الطريقة التي يتعلمون بها بدءا من اختيار المقرر الدراسي الذي يريده المتعلم وانتهاءا بتحديد المادة العلمية التي سيتعامل معها.
  • يوفر نموذج المقررات الدراسية المفتوحة فرصة لتوفير المعرفة بأكثر من طريقة وأسلوب. فلا يعتمد فقط على المحاضرات التي يقدمها المعلم كما هو الحال في التعليم التقليدي بل هي جزء من المقرر الدراسي والذي يشمل أيضا القراءة والكتابة والنقاش ومشاريع العمل والنشاطات التفاعلية والوسائط المتعددة والألعاب. كما أن التعلم هنا يعتمد بشكل كبير على الأقران من خلال قيامهم بتقييم ومناقشة واختبار الأنشطة التي يقوم بها المتعلم مما يضع عبئا على المتعلم ليقدم أفضل ما لديه لأن البيئة التعليمية مفتوحة أمام الجميع كما أن المعرفة التي يحصل عليها المتعلم من الأخرين سيكون لها انعكاس كبير على العملية التعليمية لكل متعلم.
  • يحسن نموذج المقررات الدراسية المفتوحة العملية التعليمية من خلال توفيره شعورا قويا للمتعلمين بالمجتمع التعليمي الذي تفتقده عادة في التعلم الإلكتروني التقليدي، مما يزيد من رضا المتعلمين وجودة العملية التعليمية. أي أن هذا النموذج من التعليم يقلل التباعد التعاملي الذي يحدث في التعليم الإلكتروني شكل كبير نتيجة تواجد ذلك العدد الكبير من المتعلمين في مكان افتراضي واحد يتناقشون ويختلفون ويتعلمون سويا. لا مكان لعزلة المتعلم هنا فلا بد من وجود نشاطات تعليمية رسمية أو غير رسمية مع هذا العدد الكبير من المتعلمين. كما أن اختلاف ثقافات ولغات المتعلمين في تلك المقررات يعزز من فرص حصول المتعلمين على وجهات نظر ورؤى مختلفة.
  • دعم التفكير النقدي والنظرية البنائية في التعلم حيث أن الامتحانات التقليدية لا تجدي نفعا مع مقررات التعلم المفتوح نظرا لسهولة الغش والنقل. فتعتمد مقررات التعلم المفتوح بشكل كبير على المهام والمشاريع والنقاش كأساس للعملية التعليمية مما يقوي الجانب العملي وليس النظري في المادة العلمية المرتبطة بالمقرر. وقد وجد Google في بحث أجراه عن أحد المقررات المفتوحة التي قدموها بأن النشاطات تمثل عنصرا مهما للعملية التعليمية لهذا النوع من المقررات وان تصميم المقررات المفتوحة يجب أن يرتكز على النشطات التعليمية أكثر من المحاضرات التقليدية.

مشاكل المقررات المفتوحة وحلول مقترحة

من خلال خبرتي وأيضا من خلال ما أورده كتاب Massively Open  يمكن الحديث عن عدد من المشاكل والعقبات التي تواجه العملية التعليمية في المقررات المفتوحة أهمها:

  • لا يوجد تواصل مباشر بين المتعلم والمعلم فلا يوجد دور مركزي للمعلم هنا، وهذا ينفي وجود عنصر مهم في العملية التعليمية. والسبب في ذلك يعود بالطبع للعدد الكبير من المتعلمين وعدم وجود تكلفة تغطي تفرغ المعلم للمتعلمين. بعض المقررات تحاول التعامل مع هذه المشكلة بأن تمنح لقاءا أسبوعيا مباشرا لعدد محدود من المتعلمين الذين يتم اختيارهم إما عشوائيا أو نتيجة مساهماتهم في النقاش ويتم بعد ذلك عرض تسجيل لذلك اللقاء لبقية الطلبة، وبعضها يلجأ الى مطالبة المتعلمين بتسديد تكاليف مالية معينة لتغطية التواصل المباشر بين المعلم والطالب. مما يساهم إلى حد ما في حل جزء من هذه المشكلة.
  • الاعتماد في التقويم على تقييم الأقران Peer Review قد يؤدي لمشاكل كثيرة في جودة ذلك التقييم. فرغم أن بعض الدراسات وجدت أن ذلك التقييم مشابه للتقييم الذي يتم من قبل المعلم إلا أن ذلك قد يكون صحيحا مع المتعلمين الذين يملكون خبرة في تقييم الأخرين أو لديهم تمكن من الموضوع الذي يتم تقييمه لكنه بالتأكيد ليس مناسبا لجميع الطلبة الذين قد لا يملكون هذه الخبرة أو حتى أن لغتهم قد لا تساعدهم على ذلك. وبالتالي فقد لا يستطيع جميع المتعلمين امتلاك مهارات التقييم حيث يمكن أن يحصل المتعلم على تقييم عالي من أحد الأقران وتقييم منخفض جدا من أخر لذات العمل، فإذا كانت خبرة المقيم أفضل من خبرة من يتم تقييمه فسيكون التقييم منخفض العلامة والعكس بالعكس. وللتغلب على ذلك فلابد للمتعلمين أن يتعلموا كيف يقومون بالتقييم وما الذي يقيمونه ويمكن بعد ذلك مراقبة عمليات التقييم التي تتم واختيار أفضل من يقومون بالتقييم أو تقديم أمثلة مجهزة مسبقا ليعمل المتعلمون على تقييمها ثم يقارنون بين تقييم المتعلمين والتقييم المثالي فيرشدون الطلاب للطريقة الأمثل للتقييم. كما أن عدم معرفة من يقيم يضيف مشكلة أخرى فمعرفة خبرة المقيم وتمكنه قد تساعد في فهم قيمة التقييم الذي تم.
  • الكتابة هي المهارة الأساسية التي يجب أن يتمتع بها المتعلمون في المقررات المفتوحة باعتبار أن النقاش يتم عبر المنتديات بشكل غير متزامن (غير مباشر) فلا يمكن إجراء حوار مباشر متزامن مع هذا العدد الكبير من المتعلمين. فالمحتوى المتواجد في نقاشات المتعلمين عبر المنتديات هو عادة محتوى ذو جودة عالية ومتقدمة تستحق أن تكون سببا في التعلم. وهنا تكمن المشكلة حيث تعتبر مهارة الكتابة والحوار النصي مفقودة في عالمنا العربي فأغلب منصات التعليم المفتوح العربية لا يحدث فيها أي نقاش بهدف التعلم انما يكون في الغالب لشكر المعلم أو للشكوى من المشاكل مما يضيع الكثير من الفوائد التي يمكن جنيها عبر التعليم المفتوح. وهنا نحن بحاجة للمعلم الذي يشجع على الحوار ويستفز الطلاب بمشاكل يمكن أن يتم الحوار حولها.
  • الغش هو مشكلة اساسية لهذا النوع من المقررات فمن السهل الغش في الامتحانات والنقل عن الأخرين واستخدام أكثر من حساب للدخول إلى المقرر واعادة الامتحان أكثر من مرة. وتعمل المواقع الكبرى على حل هذه المشكلة عبر أنظمة متطورة للتحقق كما هو الحال مع Coursera أو عبر عقد الامتحانات في مراكز متخصصة حول العالم كما هو الحال مع بعض المقررات التي يطرحها موقع EdX.
  • قد يفقد المتعلم بعض المعلومات الهامة ان قام بتجاوز بعض المحاضرات ومقاطع الفيديو فمقاطع الفيديو قصيرة وعدم مشاهدة أحدها بافتراض أن لا قيمة لها قد يفقد المتعلم بعض المعلومات الهامة التي تتصل بشكل مباشر بتعلمه. كما أن كثيرا من المصادر التعليمية التي يشير لها المتعلمون في منتديات النقاش قد تضيع ولا تظهر بالشكل المطلوب أمام الجميع ويبقى التركيز على ما يضيفه المعلمون فقط.
  • تعتبر نسبة انسحاب المتعلمين من تلك المقررات عالية نسبيا تقدر بحوالي 85% وقد لا تكون هذه مشكلة حقيقية نظرا للعدد الكبير الذي يحضر هذا النوع من المقررات، فالعدد المتبقي يمثل المتعلمين الجادين والمهتمين بالمقرر الدراسي ومحتواه.
  • تواجه تلك المقررات مشكلة في اعتمادها من الجامعات كجزء من التعليم الرسمي، فرغم أن بعض الجامعات تقبلت بعض المقررات الدراسية المفتوحة لكن هذا كان ضمن إطار محدود وللمقررات المبتدئة فقط دون أن تتطور لمقررات أخرى أكثر تقدما. ربما تكون الامتحانات أو المشاريع التقيمية اللاحقة لأي مقرر مفتوح حلا جذريا لذلك فيصبح التعليم المفتوح أحد أدوات الجامعات التعليمية التي ستساعدها على تخفيض تكاليفها وعلى التطوير والتميز في الخدمات التعليمية التي تقدمها وعلى نشر المعرفة في المجتمع.
  • لقد أصبحت الكثير من المقررات المفتوحة مجرد دعاية للجامعة أو المدرس الذي يقدمها أكثر منها لهدف التعليم وهذا يضيف صعوبة في تحديد تلك المقررات المفتوحة الجيدة. أغلب تلك المقررات الدراسية المفتوحة الدعائية تعتمد على المحتوى المرئي فقط وتكون عادة قصيرة (أقل من 4 أسابيع) ولا تحوي الا القليل من الفائدة ولا يقدم فيها فريق التعليم أي خبرة حقيقية للمتعلمين. وجود تكاليف ولو قليلة للمقررات الدراسية سيساعد على التميز بين المقررات الجيدة وتلك الدعائية فالمحتوى الجيد بحاجة دائما لمن يموله.

تصميم المقررات المفتوحة

يمكن استخدام مقررات التعليم المفتوح كمقرر دراسي مستقل والكتروني بالكامل وهو ما تقوم به المنصات التي توفر هذا النوع من المقررات أو كجزء من تعليم مختلط يساند من خلاله الصف الدراسي في التعليم المدرسي أو الجامعي كما في أكاديمية خان مثلا. كما يمكن استخدامه كأداة للتوظيف والتدريب في منظمات الأعمال للبحث عن الموظفين الأكفاء فالجامعات لم تعد المكان الأمثل لذلك.

وينبغي عند تصميم مقرر دراسي وفقا لنموذج المقررات المفتوحة الأخذ بالاعتبار المستويات المختلفة من المتعلمين فنحن نتعامل هنا مع عدد كبير من المتعلمين، ويجب تقديم الأساليب التدريبية المناسبة لخدمة كل المستويات والعمل على تحفيز المتعلمين للانتقال من مستوى لأخر. وفقا لـ Gerhard Fischer فهناك خمسة مستويات لمشاركة المتعلمين في العملية التعليمية تبدأ من المتعلمين غير المتيقظين أو المنتبهين للمقرر أصلا فلا يشاركون  ثم المتعلمين المتيقظين لكن غير المشاركين في النقاش ثم المتعلمين المشاركين والقادرين على اتخاذ القرار ثم المتعلمين القادرين على التنظيم وتسهيل عمل الأخرين فيقومون بأنشاء مواضيع للنقاش وانشاء مجموعات العمل  وأخيرا المتعلمين القادرين على المشاركة في تصميم المقرر عبر تقديمهم لأدوات تعليمية خاصة بهم خارج اطار البيئة التعليمية   وللتعامل مع المستويات تلك ومحاولة رفع المتعلم من مستوى لأخر ينبغي التنويع بين أربعة أساليب تدريسية:

  • الأسلوب الاستيعابي Accommodating Learning Style والذي يتم عبر التمارين العملية التي تتعامل مع خبرات المشاركين أنفسهم.
  • الأسلوب المتشعب Diverging Learning Style والذي يتم عبر النقاشات والحوار الذي ينبغي دعمه عبر طرح مواضيع النفاش.
  • أسلوب الفهم Assimilating Learning Style والذي يتم عبر المحاضرات والمواد التعليمية وتوفير قواميس المصطلحات.
  • أسلوب التقارب Converging والذي يمكن دعمه من خلال المحاكاة والمشاريع التي يمكن من خلالها حل المشاكل واتخاذ القرارات.

وقد تم ملاحظة تطبيق تلك الأساليب بشكل عملي في المقررات المفتوحة في المنصات العالمية والتي نتمنى أن نراها في المنصات العربية وهي كما يلي:

  • لقد تم استخدام النشاطات العملية الأقرب للممارسة الحقيقية كأسلوب استيعابي وتقاربي في تلك المقررات وذلك عبر الواجبات والمشاريع العملية والتقييم الذي يتم من قبل الأقران، وهذا قد يكون السبب في ظهور مقررات أقرب للحياة اليومية للناس. لكن افتقدت تلك الممارسة لإشراف وتقييم المعلم واعتمدت فقط على تقييم الأقران مما جعل المتعلم يفتقد للخبرة التي يمثلها المعلم فيما لو قام هو بتقييم العمل والاشراف عليه حيث أن الأقران قد لا يملكون الخبرة الكافية لتقييم أعمال المتعلمين بالشكل المطلوب.
  • كان للحوار النصي الجاد أهمية كبيرة في هذه المقررات خصوصا في منصات Coursera وedx. حيث تميزت منتديات النقاش فيها بحوار جدي بين المتعلمين والمعلمين بهدف الحصول على المعرفة فاق في حجمه وجودته المادة الدراسية للمقرر ذاته في بعض الأحيان، على عكس ذلك التفاعل غير المجدي الذي تجده في بعض المنصات العربية والتي لم يصل النقاش فيها إلى مرتبة الحوار بل كان تبادلا لكلمات الشكر والثناء وتمحور حول شخص المعلم أكثر من المقرر الدراسي ذاته. كما كان الحوار جزءا من تقييم المتعلم في بعض المقررات لتشجيع جميع المتعلمين على الحوار وتمييز من يحاور، حيث تعمد إلى احتساب مشاركة المتعلم في الحوار كجزء من الدرجة الممنوحة له مما أدى الى تزايد الحوار. وقد تم الحوار من خلال منتديات النقاش التي تميزت بمزايا عديدة جعلها تنجح في تفعيل حوار جاد بين المتعلمين أهمها:
    • ظهور تلك المنتديات بتصميم محترف وبسيط أمام المتعلمين ودون تكلف يخدم الأغراض الأكاديمية ومختلف عن ذلك الشكل التقليدي للمنتديات الإلكترونية الذي اعتاد عليه المستخدم العربي.
    • إدارة المعلم بنفسه لهذا الحوار باعتباره جزء أساسي من المقرر الدراسي وعدم ترك الأمور عشوائية بين يدي المتعلمين والا تحول الحوار الى جدال أو مجاملة ليس لها علاقة بالتعليم. حيث يمكن أن يتم ذلك بشكل مباشر من المعلم عبر طرح الأسئلة أو المشكلات لحلها أو المواضيع ليتم النقاش حولها. لا تتوقع من المتعلمين أن يقوموا بالنقاش دون أن تطلب منهم ذلك عبر تحدي معين له علاقة بالمادة العلمية التي تقدمها.
    • ارتباط مواضيع النقاش بشكل مباشر وواضح بالدروس والوحدات التعليمية في المقرر. فيجد المتعلم مساحة للنقاش مع كل درس أو محاضرة حسب الحاجة، فيناقش ما ورد في الدرس بشكل تلقائي دون تكلف مع تواجد المساهمة من قبل المعلم في تفعيل هذا الحوار، ليصبح بذلك النقاش هنا جزءاَ أساسيا من الوحدة التعليمية ذاتها.
    • اتاحة الفرصة للمتعلمين لإضافة مواضيع جديدة للنقاش دون التقيد بما هو مطروح ضمن الوحدات الدراسية للمقرر حيث تم تقسيم مسارات الحوار بشكل يتناسب مع الدروس المطروحة فكل درس له مساره المخصص للنقاش مما يسهل على المتعلم تنظيم أفكاره عند طرحه لأي موضوع يريد مناقشته بحيث لا يطرح شيئا خارج نطاق الوحدة الدراسية التي يتعامل معها.
    • تمكن المتعلمين من إضافة قيمة للنقاش الدائر دون أن يضطروا للمشاركة فيه وذلك عبر استخدام أدوات الوسم Tagging أو التصويت Voting المرفقة بالمنتديات. هذا يساعد المتعلمين الصامتين على المشاركة ولو بصمت في الحوار الدائر بين المتعلمين.
    • توافر قنوات للنقاش العام مستقلة عن قنوات الحوار حتى نضمن ان لا يختلط النقاش والتفاعل العام بين المتعلمين مع الحوار الجاد والهادف المتعلق بالمادة العلمية.
  • اعتمدت المقررات المفتوحة على المحاضرة كأسلوب للفهم لكن تختلف المحاضرة هنا فهي ليست تلقينا للمعلومات انما تهدف لإشراك المتعلم في المحتوى التعليمي حيث توافرت المزايا التالية في المحاضرات التي تضمنتها المقررات المفتوحة التي حققت نجاحا:
    • لقد كانت المحاضرات قصيرة فلا مكان هنا للمحاضرات الطويلة كما كان الحال مع الاجيال السابقة، فجيل اليوم لا يمكن أن يركز بأكثر من 20 دقيقة متواصلة. لذلك تم تقسيم المحاضرات إلى مقاطع صغيرة لا تتجاوز الربع ساعة لكل مقطع.
    • تضمنت المحاضرات عناصر جذب للمتعلم حتى يكون المعلم متواصلا أكثر مع المتعلمين ليكونوا جزءا من المحاضرة ولو كانت مسجلة. وقد تم استخدام القصة والحوار والمؤثرات الصوتية أو المرئية ولغة الجسد وأساليب العرض المختلفة لتحقيق ذلك
    • تواجد في بعض المحاضرات أكثر من معلم فهذا أدى لكسر الملل واعطاء الفرصة ليحصل المتعلم من كل معلم على أفضل ما لديه.
    • تخلل تلك المحاضرات وقفات قصيرة لسؤال المتعلم عما تعلمه أو لطلب إبداء رأيه في أمر ما أو للقيام بلعبة إلكترونية أو نشاط ما، فهذا جعل من المحاضرات أكثر تفاعليه رغم أنها ليست مباشرة.
    • تم ربط المحاضرة بالمصادر التعليمية المناسبة لها، فهذا ساعد المعلم على عدم الإطالة في المحاضرة ذاتها وترك التفاصيل لمراجع أخرى يمكن للمتعلم الرجوع لها.
    • تميزت بعض المقررات بعدم المبالغة في تصوير ومونتاج المحاضرة بأن يقوم المعلم نفسه بتسجيلها أو تسجيل جزء منها بشكل تلقائي دون مبالغة.
    • ترافق مع المحاضرة المصورة النص المكتوب لها وذلك لمن لا يملك الوقت للمشاهدة أو لتكون مرجعا للمتعلم.